الرياض- جنون الإيجارات يهدد المعيشة والاقتصاد

المؤلف: خالد السليمان10.21.2025
الرياض- جنون الإيجارات يهدد المعيشة والاقتصاد

يشهد سوق الرياض العقاري ارتفاعًا جنونيًا وغير مسبوق في أسعار إيجارات المكاتب والشقق السكنية، مدفوعًا بشبق المال والرغبة الجامحة في تحقيق الأرباح الطائلة، حيث تجاوزت الزيادات المهولة حاجز الـ 150% خلال عام واحد فقط، بالإضافة إلى الزيادات المتوالية في الأعوام الماضية، مما يؤكد أن الدافع الرئيسي وراء هذه الموجة الصاعدة هو الطمع والجشع المحموم لدى البعض!

وهذا يعني ضرورة مواكبة أصحاب الأعمال والتجار لهذا الارتفاع الشديد في إيجار مكاتبهم ومحلاتهم التجارية، وذلك إما عن طريق زيادة تكاليف الخدمات والمنتجات التي يقدمونها، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى ارتفاع تكلفة المعيشة على أفراد المجتمع، أو عن طريق إغلاق أنشطتهم ومغادرة السوق بشكل نهائي، مما سيؤثر سلبًا وبشكل مباشر على الاقتصاد الوطني!

وهذا الأمر يحدث اليوم، قبل أن نصل حتى إلى أعتاب استضافة الرياض لمعرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، ولا أستطيع حتى أن أتخيل وتيرة ارتفاع أسعار الإيجارات في المستقبل القريب والبعيد!

والملفت للنظر أن غالبية العقارات التي تضاعفت أسعار إيجاراتها هي عقارات قديمة ومتهالكة وليست حديثة أو جديدة، مما يعني أن أصحابها يستغلون هذه الموجة المتصاعدة دون الارتباط بحسابات التكاليف المنطقية، ونظرًا لأن اقتصادنا الوطني حر وقائم على آليات العرض والطلب، فإنني أجد نفسي في حيرة شديدة من تبرير هذا الميل الجشع لدى الملاك للاستفادة القصوى من فرص الربح السانحة، أو من إمكانية تدخل الدولة - بشكل أو بآخر - في تحديد نسب الزيادات وآلياتها القانونية، ومدى تأثير ذلك على الاستثمار العقاري على المدى البعيد، ولنا في تجارب بعض الدول العربية أمثلة واضحة على فشل الضوابط الحكومية الصارمة في معالجة ارتفاع أسعار الإيجارات، وقدرة الملاك المحترفين على التحايل الذكي على الأنظمة والقوانين!

في الحقيقة، لقد كان امتلاك منزل خاص حلمًا بعيد المنال بالنسبة للشباب الطموح، وبات الآن استئجار سكن لائق لبدء الحياة الزوجية الكريمة حلمًا لا يقل صعوبة وبعدًا، وفي حالة تحقيقه، سيظل المستأجر الشاب تحت رحمة مالك العقار الذي قد يفاجئه في كل عام بخطاب رسمي يرفع قيمة الإيجار بشكل مبالغ فيه، لتبقى الحياة رهن الخوف والقلق الدائمين من القدرة على مجاراة ارتفاع الأسعار المتزايد أو الاضطرار إلى التنقل المستمر بين المساكن، مع عدم وجود أي ضمانات بعدم ملاحقة الزيادات المستمرة للمستأجر أينما ذهب وحل!

باختصار شديد.. إن نسب الارتفاع الشاهقة في أسعار الأراضي والعقارات المكتبية والسكنية خلال العقدين الماضيين لا يمكن استيعابها أو تبريرها بأي شكل من الأشكال، وقد ازدادت وتيرة هذا الارتفاع بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الأخيرة، مما يجعل المعيشة أكثر صعوبة وتعقيدًا، خاصة مع بقاء أجور الشريحة الأوسع من أفراد المجتمع هي الحلقة الأضعف والأكثر تأثرًا في هذه المعادلة الصعبة!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة